بعض من جغرافية كربلاء التاريخية
كربلاء اسم قديم في التاريخ يرجع إلى عهد البابليين، وتوصل المؤرخون والباحثون إلى معرفة أصل لفظ (كربلاء) من نحت الكلمة وتحليلها اللغوي، فقيل انها منحوتة من كلمة: (كور بابل) العربية، وهي مجموعة قرى بابلية قديمة، منها: نينوى والغاضرية وكربله (بتفخيم اللام)، وكربلاء او: عقر بابل، والنواويس التي كانت مقبرة عامة للنصارى قبل التحرير العربي الإسلامي.
أما الأطلال الواقعة في شمال غرب كربلاء، فتعرف بــــ: كربلاء القديمة، تستخرج منها أحياناً بعض الجرار الخزفية، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها، وهناك أسماء لقرى أخرى كانت تحيط بكربلاء القديمة، عند وصول الإمام الحسين (عليه السلام) إليها سنة 61هـ/680م، منها: عمورا ومارية وصفورا وشفية.
ومما سبق ذكره يتضح لنا أن كربلاء هي أم لقرى عديدة، تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات، وكانت من أمهات مدن بلاد بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً، لذا كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل أوانٍ خزفية تعود إلى قبل العهد المسيحي، وكانت الأقوام التي سكنتها تعتمد في معيشتها على الزراعة لخصوبة ترتبها وغزارة مياهها نظراً لكثرة العيون التي كانت منتشرة في ربوعها.
لم يكن اسم (كربلاء) إلا أحد تلك الاسماء المختلفة الكثيرة، التي في عِدادها كان يُطلَق منذ القديم على هذه البقعة، فتَغَلبَ هذا الاسم بمرور الزمن على غيره ِ من الأسماء، شيوعاً وانتشاراً في العُرف والتاريخ، حتى أصبح الآن هو الوريث الوحيد لها، وصارت هذه البقعة لا تُعَرف اليوم إلا بهذا الاسم، الذي عَمَّ استعماله حتى شمل المحافظة كلها، التي تعد مدينة كربلاء قصبة (مركزاً) له.
إن إطلاق أسماء عديدة على كربلاء بهذه الكيفية، وبهذه الكثرة على بقعة واحدة، يمثل في الظاهر نظرية بعيدة الاحتمال، تحتاج بعض الشيء من التريث والتأمل في التعليل والتأويل، ولابد من وجوه واحتمالات لتفسير هذه الظاهرة الفريدة، فقد اتفق الرواة والمحُدَّثون والمؤرخون والجغرافيون وأهل اللغة، مثلاً على تسمية كربلاء بــ: الحائر بصورة مطلقة، وعلى ما يظهر من الأخبار والروايات فان كربلاء، منذ الصدر الأول، كانت تُعرَف بهذا الاسم، والحائر يعني: قبر الإمام الحسين بن علي (عليه السلام).
المصدر/ مركز كربلاء للدراسات والبحوث، مجلة السبط، العدد السابع، ص 18-19.